فصل: أسئلة واردة من التكرور في شوال سنة ثمان وتسعين وثمانمائة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي للفتاوي ***


أسئلة واردة من التكرور في شوال سنة ثمان وتسعين وثمانمائة

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا كتاب فيه أسئلة من الفقير العاصي الحقير المذنب المنكسر الراجي عفو ربه الكريم الكبير وسميته مطلب الجواب بفصل الخطاب، الحمد لله الكامل الذات الحي القيوم الأزلي الصفات وصلى الله على حبيبه المفضل على سائر المخلوقات وعلى آله وصحبه وأزواجه الطاهرات‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ رد الجواب على من علمه الله فرض كما قال الله لآدم أنبئهم بأسمائهم كما أن السكوت على من لا يعلم فرض كما قالت الملائكة لا علم لنا إلا ما علمتنا وكذلك أن نخضع لمن علمه الله ما لم يعلمه لك كما أمر الله الملائكة أن يسجدوا لآدم فسجدوا وكانوا عبادا مكرمين وأبى إبليس وقيل له وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين، والسؤال على من لم يعلم فرض قال الله تعالى فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ نسأل عن قوم عادة ملوكهم أخذ الأموال منهم بعادة معروفة في زمن معروف وأكثره عند ظهور الثريا أو الشتاء أو الصيف بأموال شتى منها ما يخرج من الأرض كالمن ومنها ما يخرج من الدوم حتى حبالها ونعالها وحصيرها ويفرض ذلك عليهم في كل سنة فالبلد للملوك ومن أراده منهم فيجيء عندهم فيعطيهم شيئا ثم يشترطون عليه شروطهم فيرضونهم فإن نقص شيء من خراجهم أخذوه وعذبوه وأخرجوه وجعلوا في بلادهم من أرادوا‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ ولهم عند قوم بقرات وشياه ومزاود طعام وغير ذلك من الخراج في كل زمن معروف فمن أعطى وإلا ضربوه أو نفوه‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ ويأتيهم سادات قوم وكبراؤهم مع جماعاتهم فيطلبون البلاد فيقولون لهم إن كانت عادتنا على ما هي عليه فأتوا بقبيلتكم فلتختر واحدا منكم يحكمون لهم بذلك ومرة يحكمون لمن يعطيهم أموالا كثيرة أو يرجون منه أو يخافون شره‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ ومنهم من يخاصم على الأحرار ويدعوهم بالعبيد فإن مات من ادعى عليه ذلك لم يقسموا بين ورثته ثم يدعوهم من بقى باسم الرق وإن قلت لهم هؤلاء أحرار كادوا يقتلونك ويقولون هؤلاء عبيد أتباع للسيف ومنهم من يجعلهم كالخدم بالضرب والعذاب ومنهم من يسخر منهم ويأخذ منهم الأموال ولا يضرهم في أنفسهم ومنهم من يبيعهم بالتنافس والتنازع ومنهم من يؤمر على قوم فيأخذ منه الخراج أكثر مما أخذ منه الملوك فإن أبوا نفاهم أو سلط عليهم الأمير أو وزراءه ومنهم من يؤمر على بلد فيتركه ويمشي إلى أحرار قبيلته حيث كانوا فيأخذ منهم ما أراد حتى يكون القتال في ذلك‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ ومنهم من لا يورث فما تركه بعده لأبناء إخوته وأهل القوة والجاه ومنهم من يكون أميرا على قوم فيعطي الملوك ماله ثم يجيء عندهم فيأخذ منهم أضعاف ذلك‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ من بعض أموال الملوك الخراج على المسلمين ومكس الأسفار والأسواق على كل من جاء بالخيل أو الإبل أو البقر أو الغنم أو الرقيق أو الثياب أو الطعام وكذلك عند الأبواب عند دخول قوم أو خروجهم ولو بحطب‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ ومنهم من بينه وبين الكفار المصاحبة والمراسلة فإن قتلوا المسلمين أو نهبوهم أو قطعوا عليهم الطرق لم يبالوا بذلك إن أعطوهم شيئا ومنهم من إذا أغرت على الكفار وآذيتهم آذاك أكثر مما آذيت به المشركين فيكون ذلك عونا للكفار وضعفا للمسلمين‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ ومنهم من اختار الكفار على المسلمين لسكون بلادهم أو ربح تجارته في أرضهم أو سكون بعض أقاربهم أو بسبب من الأسباب من دنياهم لا يبالون بأوامر الله ونواهيه إلا حيث كانت اللقمة بدا‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ منهم من لم يبال بالكتاب والسنة إلا حيث كان الدرهم والدينار معه وإلا فلا‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ منهم من لا يعطي المرأة صداقها أصلا وكان ذلك عادة فليس لهن عند الرجال إلا الذبيحة والنفقة‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ وعادتهم عدم الحياء عند اجتماعهم بالنساء وخلوتهم بهن واللعب بهن وحديثهن ورؤيتهن وكشف زينتهن وأكثرهن للمزمار والعود والغناء وضرب الدفوف والزغاريت وآلات اللهو كلها ويعرضن بأنفسهن ويقلن إن الجن فينا وإن دواءنا بذلك وفيهن من يقلن إن من الخدم من يقتل وإن مسك مرضت وإذا جن الليل يطرن ومعهن النار ويقتلن بذلك‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ ومنهم من يقاتل فيما بينهم تكبرا وتجبرا وتنافسا وينهب بعضهم بعضا ويغير بعضهم على بعض ومنهم من يمنع بلاد الله إذا وكله الأمراء عليهم إلا بالخراج ويمنع الماء والفواكه والحشيش والكلأ وكل ما ينبت في الأرض حتى يمنعون الطرق ويسدونها بالحجارة والأشجار حتى لا يقرب المسافرون بلادهم ويعذبون بهائم المسلمين بآلات من العذاب والضرب وسد الأفواه ويربطون مع أذناب الأنعام الشوكة وماله أذى‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ منهم من ليس له حرفة إلا الغناء والمزمار ومدح من أعطاه وذم عكسه ومنهم من ليس له حرفة إلا أن يكون مع الأمراء والكبراء فيأكل معهم ويعيش في أموالهم الحرام‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ منهم من حرفته أن يكون جالسا حتى يجيء أوان الطعام فيحضر ويسلم ويأكل‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ ومنهم من حرفته القمار والميسر وأمثال ذلك‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ منهم من حرفته أن ينكح النساء المطلقات بالثلاث فيحللهن لأزواجهن‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ ومنهم من حرفته أن يرمي عقله فيجعل نفسه كالمجنون فيضحك الناس به ومنهم من حرفته السؤال ومنهم من حرفته أن يتزوج النساء الكثيرات الأموال ويعيش في رزقهن ومنهم من حرفته السرقة ومنهم من حرفته الاختلاس ومنهم من حرفته أن يصيد ومنهم من حرفته أن يكون مع الأمراء فيقضي للناس حوائجهم ويعيش هناك ومنهم من حرفته أن يعادي للناس أعداءهم ويحب لهم أحبتهم سواء كانوا على الحق أو الباطل‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ منهم من حرفته علم الحديث والقصص وأخبار الدنيا والحكايات المضحكة بالحق أو الكذب‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ منهم من حرفته أن يكون نماما أو مغتابا أو متجسسا ومنهم من حرفته معاداة العلماء والأتقياء والصالحين ومنهم من حرفته أن يكون رسولا بين النساء والرجال كالديوث ومنهم من حرفته أن يخلط الماء باللبن أو الشحم مع اللحم الهزيل أو دنيء بجيد ومنهم من حرفته أن ينزل المسافرين في مسكنه فيخدعهم بقدر طاقته وقلة عقولهم ومنهم من حرفته إلباس الحق بالباطل عند الموازين والمكاييل‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ عوائد بعضهم البخل والجبن وعدم الرحمة للناس كافة وقطع الرحم ومنهم من عادته السخاء والكرم والشجاعة إلا أن عندهم مع ذلك كثرة الظلم والفساد والاختلاط بالنساء الأجانب ويحلفون بالآباء والأمهات والنساء ويشهدون بالزور ولنسائهم مكان معروف يخلون فيه بالرجال في يوم نكاح أو يوم عرس أو يوم عيد ولهم لهو يتضاربون فيه حتى يقع في ذلك شج وكسر سن أو يد أو رجل أو قتل، وعادة بعضهم بناء المساجد وتلاوة القرآن والعلوم والمدائح والحج ومع ذلك يعبدون الأصنام ويذبحون لها ولا تصوم نساؤهم ولا يصلين إلا إذا كبرن ولا يدخلون مساجدهم إلا ومع كل واحد منهم عصا، وعندهم طلسمات للنكاح والبيع والشراء والرهج والحروب والمحبة ووجع الرأس والضرس ويزعمون أنهم ملوك الدنيا وأبناء الأنبياء ومنهم من يجحد البعث والحشر والنشر والحساب والثواب والعقاب ويسجدون لملوكهم ويركعون لهم ومنهم من هو مسلم ويجعلون أموالهم دولا بينهم يغير بعضهم على بعض ويقتلونهم‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ منهم من عادته أن يجيء إلى قوم فيسألهم إبلهم ليسافروا عليها فيحملوا عليها الطعام إلى بلد الملح ويحملوا عليها الملح إلى بلاد السودان فيبيعونها بالثياب والمتاع ثم يرجعون إلى بلادهم فيجيئهم أرباب الإبل فيعطونهم من الثياب ما شاء الله فمرة يرضون ومرة يأبون حتى يسترضوهم وإلا فيخاصمون ما شرط أحد على أحد منهم ذرة‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ منهم من صلاته بالتيمم أبدا فلا يتوضأون إلا نادرا ولا يغتسلون من الجنابة إلا نادرا وتوحيدهم بالفم وما يعرفون حقيقة التوحيد وزكاتهم يجلبون بها مصالح دنياهم أو يدفعون بها مضارهم وحجهم بالأموال المحرمة ومنهم من عادته محبة العلماء والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والأعمال الصالحة والصدقة وإطعام الطعام وقرى الضيف وغير ذلك من وجوه الخير ولا يتركون ما هم عليه من تكبر واسترقاق الأحرار والمقاتلة والظلم وأكل الحرام ومنهم من عادته مصاحبة الكفار ومؤاخاتهم وذكر أخبار المسلمين وعيوبهم لهم ومنهم من يعادي من عادى الكفار‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ ومن فقهائهم من عادته ترك القرآن والسنة وأخذ الرسالة والمدونة الصغرى وابن الجلاب والطليطلي وابن الحاجب حتى عادوا من يفسر القرآن ويقولون قال أبو بكر الصديق إن كذبت على ربي أي أرض تحملني وإذا سمعوا آية تتلى لتفسير نفروا عنها نفرة الحمر الوحشية‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ منهم من لا يفارق الأمراء طرفة عين يأكل معهم ويشرب ويأخذ من أموالهم المحرمة ومنهم من يحلل ذلك للملوك ومن تبعهم ومنهم من سكت لم يأمر ولم ينه ومنهم من نهى فعادوه فخاف فسكت ومنهم من يأخذ الزكاة ولا يستحقها ومنهم من حرفته أن يشترط مع الناس أن يصلي بهم ويقرئ صبيانهم ويرى عندهم المنكر العظيم ويسكت وإن تكلم قالوا له اسكت فقد ذكرت ما عليك فخذ شرطك ومالك ولا تزر وازرة وزر أخرى فيسكت ومنهم من إذا وعظت الناس قالوا لك أما نحن فقهاء مثلك فنحن قد رأينا ذلك وسكتنا عنه هذا آخر الزمان نهى المنكر فيه منكر يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم وتقول له العامة أما رأيت فلانا هو أعلم منك وأتقى وأعز وأشرف وقد ترك ذلك وهو يراه ويقدر على قطعه فيسكتوك بذلك وإلا جعلوك شر خلق الله وأجهل الناس واسفه الناس ومنهم من تعظه من العلماء فيطيعك ويصدقك فإذا خرج من عندك يكذبك ويذكر للعامة دلائله على تكذيبك وتصديقه ومنهم من إذا وعظت العامة وقبلت وتابت خلا بهم فنقض عنهم ذلك حتى تعود العامة على ما كانت عليه‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ منهم من يأخذ العشر عند الميراث فلا يقسم لأحد إلا إذا أخذ عشرة ومنهم من اكتسابه بالطلسمات والرقى لباب المحبة والنكاح والوجه عند العامة والخاصة ومن غضبوا عليه يفعلون به ما قدروا من مكائد السوء فمرة يوافق فعلهم بالقدر ويقولون هذا فعلنا‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ منهم من يشتري القضاء بماله ويأخذ الرشوة والسحت ويحكم بما يريد ومنهم من يؤمره الملوك على قوم فيأخذ زكاتهم ولا يقسمها بين من يستحقها‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ منهم من يقرأ بالشواذ ويترك القراءات المشهورة‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ ومنهم الألد الخصم في كل شيء‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ ومنهم من ليس له عمل إلا تلاوة القرآن والحديث والعبادة ولزوم الخلوة وقراءة الرسالة والشهاب وأمثال ذلك‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ منهم من يكون عند الجهال يأكل معهم ويشرب ويكون أمامهم‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ منهم من يقول ويعتقد أن بعض الناس يقتلون بعضا بمس أو مقاربة ويزعمون أنهم يمرضونهم <ص وإن أعطوهم ما أرادوا داووهم ومنهم من يعتقد أن الجرب والجذام والبرص والزكام وسائر الأمراض تعدى وإذا نكحت امرأة ومات عندها ثلاثة من الأزواج تشاءموا بها وكذلك الدار والخيل ومنهم من يزعم أن بعض الطيور أو السباع أنحس من بعض ومنهم من إذا رميته بمشط يقول لك لا فإنه يأتي بطلاق ويقولون في الأيام بعضها منحوس وبعضها مسعود ويذمون الحجامة في بعض الأيام وشرب الدواء ومشى المسافرين والنكاح فيها وكذلك بعض البلاد والمياه والمراعي يزعمون أن بعضها أعكس من بعض.

(فصل) منهم من يزعم أنه عارف إذا كرهت البهيمة أولادها ويعرف أسباب ذلك ويقول للناس تعالوا عندي كلكم فيأتونه فيكيل بذراعه أرجلهم ثم يبقى بعد ذلك ما مسح بيديه أرجلهم ويعزم بشيء في نفسه ويزعم أن ذلك قراءة ثم يكيلهم ثانية فيزيد الأمر على ما هو عليه أو ينقص فيأخذ ذلك فيأخذون من أشعار رأسه أو لحيته فيبخرونه على تلك البهيمة فيوافق مرة ومرة لا.

(فصل) منهم من إذا سرق ماله وأخذ المتهمين فيوقد نارا ويقيد المتهمين بشيء قصير ويأمرهم بالمشي عليها فيمرون عليها فالذي يسرق تارة تحرقه والذي لم يسرق لا تحرقه ولا تمسه ومنهم من يأخذ المتهم ويأخذ المراة ويعلقها على خيط ويأخذ الخيط ويدلي المراة ويجعل خطين في الأرض ويجعل الرماد على خط واحد من الأرض ويترك الآخر ويدليها على وسط الخطين ويقرؤن سورة يس على ذلك فإن تحركت المراة وجرت على طريق الرماد ثبتت السرقة عليه وإلا فلا.

(فصل) منهم من يقرئ الصبيان فإذا ختم واحد أو بلغ النصف أو الثلث حملوه على درقة من فوق رؤوسهم أو على فرس أو جمل ويجتمع عليه القراء ويطوفون به البلد كله يقرؤون عليه آيات الرجاء ومدائح رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعطيهم الناس طعاما وشرابا وغنما وثيابا فيتركونه للفقيه.

(فصل) ومنهم من يمشي بين العوام ويناجي كل من يلقاه إلا أريك رقية العين والنكاح ودخلة القلوب والوجه عند السلاطين وأمثال ذلك.

(فصل) ومنهم من لا يزوجون الا صاحب نسب وحسب ومال كثير ولا يزوجون الفقير ولو كان عالما صالحا تقيا.

(فصل) ومنهم قوم لا يعدون الطلاق فليس له عندهم حد ومنهم من يعد الطلاق فإذا وصلوا ثلاثا أعطى شيئا ثم يعيدها بغير محلل ومنهم من لا يعتد المرأة فتنكح من أرادت في العدة ومنهم من يشتري للتي طلقها ثلاثا من يحللها أو تشتريه هي بنفسها أو أحد من أهلها.

(فصل) منهم ملوك لا يقيمون القصاص أصلا وإنما يأخذون المال ويقسمونه بين من لا يستحقه شرعا.

(فصل) منهم من يدعي أنه شريف ليكرم ولا شهادة له في ذلك ومنهم من يدعى أنه عالم أو ولي أو عابد ليستخدم وليس كذلك ومنهم من إذا قصده المسلمون بقتل أو أخذ مال أو نحوه يقاتل حتى يقتل أو يقتل وفي نيته من قتل دون ماله فهو شهيد ومنهم من يأتي القتال حتى يقتل بغير حركة منه وفي نيته إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار كما فعل هابيل ثم عثمان أيهما أعلى من الآخر.

(فصل) هل يجب على الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر القتال في ذلك بقدر طاقته.

(فصل) فقيه رأى منكرا فعلم أنه لا يقبل الناس نهيه ولا أمره يسقط ذلك عنه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

(فصل) ما قلتم فيمن أمر بمعروف ونهى عن منكر وقصد به رياء وسمعة.

(فصل) ما قلتم فيمن أمر بمعروف ونهى عن منكر وخوفوه فسكت خوفا وفيمن أمر بمعروف ونهى عن منكر ثم سكت عجزا عن سوء مقالات الناس له والضرر والتعب.

(فصل) ما قلتم في رجلين أمرا بمعروف ونهيا عن منكر حتى رأيا أمرا عظيما فيه هلاك النفوس والأموال فتركه واحد منهما ولم يقاتل عليه وقاتل عليه الآخر حتى قتل وقتل أيهما أعلى من الآخر.

(فصل) ما قلتم في رجلين أحدهما يخالط أمراء السوء فيشفع للمسلمين لديهم وينفعهم والآخر اعتزلهم أيهما أعلى.

(فصل) في بلادنا كتب يذكرون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقاويل ليست في الموطأ ولا في الصحيحين وليس عندنا من يعلم ذلك فما يفعل فيها.

(فصل) هل يتمثل الشيطان بأمر من أمور الله ككتابه وملائكته ورسله وأوليائه أم لا.

(فصل) هل يجوز مدح النبي صلى الله عليه وسلم بالكلام العجمي أم لا.

(فصل) هل يدخل أحد الجنة بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم وهو عاص وتارك بعض الفرائض.

(فصل) رجل يعظ الرجال فقال له النساء عظنا معهم فجعل بين الرجال والنساء سترا لا يرى أحد الفريقين الآخر يجوز له ذلك أم لا.

(فصل) أيجوز لنا أن نقرئ نساءنا سورة النور حتى يحفظنها ويفسرنها أم لا.

(فصل) أيجوز لمسلم إن حضر القتال بين المسلمين والكفار أن يرمي نفسه في الغرر لحب الشهادة.

(فصل) أيجب القتال على أمراء المسلمين بأنفسهم أو ليس عليهم إلا تجهيز الأمور وصلاحها وهل يجوز للأمير أن يرمي نفسه على أشد إلباس من الكفار وهو إذا مات لم يجتمع المسلمون بعده لقتال ولا يجتمعون على غيره إلا بعد مدة طويلة.

(فصل) هل تقبل هدية الكفار وتجوز صحبتهم وليس عليهم جزية.

(فصل) وتبين لي أمر هيئة السماوات والأرض بدلائل القرآن والحديث، وعرض بلدنا وطولها، وبلغني أنك ألفت شيئا في حروف التهجي فلا يليق بكرمك أن تكتمه عنا، وأنا أحبك في الله وإني لمشتاق إلى لقائك غاية. واسمي محمد بن محمد بن علي اللمتوني فلا تنسني في دعائك والسلام.

فتح المطلب المبرور وبرد الكبد المحرور في الجواب

عن الأسئلة الواردة من التكرور

بسم الله الرحمن الرحيم

من الفقير عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن ابي بكر بن عثمان بن محمد بن خضر ابن أيوب بن محمد بن همام الخضيري السيوطي الشافعي إلى حبيبه وأخيه في الله الشيخ العالم الصالح شمس الدين محمد بن محمد بن علي اللمتوني أعزه الله تعالى في الدارين وأزال عن قلبه كل رين سلام عليك ورحمة الله وبركاته وعلى ولدك وأهلك ومن يلوذ بك‏.‏ أما بعد فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو وأصلي وأسلم على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ثم إنه قد وردت على أسئلتك المفيدة التي سميتها مطلب الجواب‏.‏

وهذه أجوبتها سميتها ‏(‏فتح المطلب المبرور وبرد الكبد المحرور في الجواب عن الأسئلة الواردة من التكرور‏)‏ فاعلم أن جميع ما سألت عنه في هذه الفصول من فعل الملوك والرعية للأشياء التي وصفتها كلها مذمومة ومحرمة شرعا إلا ما استثنيته لك وبعضه أشد في الحرمة من بعض وبعضها مقتض للكفر وهو ما ذكرت عن قوم أنهم يذبحون للأصنام ويعبدونها وقوم أنهم يجحدون البعث والحساب والثواب والعقاب وقوم أنهم يسجدون لملوكهم فهذا كله كفر، والباقي محرم لا يقتضي الكفر إلا ما يستثني والقدر المستثنى من التحريم من حرفته أن يكون جالسا حتى يجيء أوان الطعام فيحضر ويسلم ويأكل ومن حرفته أن ينكح المطلقات الثلاث فيحللهن لأزواجهن حيث لم يصرح بذلك لفظا في العقد ومن حرفته أن يجعل نفسه كالمجنون يضحك الناس ومن حرفته السؤال ومن حرفته نكاح النساء الكثيرات الأموال ويعيش في رزقهن ومن حرفته الصيد ومن حرفته أن يكون مع الأمراء فيقضي للناس حوائجهم ويرتزق بذلك ومن حرفته التحديث والقصص ورواية الأخبار الحق بخلاف الكذب ومن يأخذ إبل قوم للسفر ثم إذا رجع أرضاهم بشيء ولم يشترط في أول الأمر شيئا ومن يكون عند الجهال يؤمهم ويأكل معهم ويشرب ومن يقرئ الصبيان فإذا ختم واحد دار به البلد فيعطي عليه ما يعطي ومن يكتب للناس الرقى إذا لم يكن فيها مذموم شرعا ومن لا يزوج إلا صاحب نسب وحسب ومال فكل هذه الصور ليست بمحرمة لكن بعضها مكروه كراهة تنزيه وبعضها مباح‏.‏ وبقي من الأسئلة ما يذكر جوابه فمنها من سكت عن إنكار المنكر لخوف فلا شيء عليه وكذا إذا أنكر وقالوا له قد بلغت فاسكت فسكت لا لوم عليه إلا أن يكون من ولاة الأمور أوله شوكة يقدر بها على إزالته باليد، ومنها من يقرأ بالشواذ وذلك حرام بالإجماع، ومنها الألد الخصم في كل شيء وقد ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏(‏أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم‏)‏ أخرجه البخاري وغيره، ومنها من ليس له عمل إلا تلاوة القرآن والحديث والعبادة ولزوم الخلوة وقراءة الرسالة والشهاب وأمثال ذلك وهذا من الخصال الحميدة الحسنة تقبل الله منه، ومنها من يعتقد أن بعض الناس يقتل بمس أو مقاربة أو يمرض وهذا اعتقاد فاسد فإن كان ذلك بسحر أثم فاعله أو كفر، ومنها من يعتقد أن الأمراض تعدي وهو اعتقاد فاسد قال صلى الله عليه وسلم لا عدوى، ومنها التشاؤم بالمرأة والدار والفرس وقد ورد في ذلك الحديث في الصحيح واختلف العلماء هل ذلك على ظاهره أو مؤول والمختار أنه على ظاهره وهو ظاهر قول مالك، ومنها التشاؤم ببعض الطيور أو السباع أو بالمشط أو بالأيام ولا أصل لذلك، ومنها ذم الحجامة في بعض الأيام وهو صحيح نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحجامة يوم الجمعة ويوم السبت ويوم الأحد ويوم الأربعاء رواه ابن ماجه والحاكم من حديث ابن عمر وروى أبو داود عن أبي بكرة أنه كان ينهي عن الحجامة يوم الثلاثاء ويزعم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوم الثلاثاء يوم الدم وفيه ساعة لا يرقى، وروى البزار والحاكم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من احتجم يوم الأربعاء أو يوم السبت فأصابه وضح فلا يلومن إلا نفسه، وروى أبو يعلى في مسنده عن الحسين ابن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن في يوم الجمعة لساعة لا يحتجم فيها أحد إلا مات وصح الأمر بالحجامة يوم الخميس ويوم الاثنين في حديث رواه الحاكم وغيره ومنها ذم السفر والنكاح في بعض الأيام وهو صحيح أيضا ثبت عن علي رضي الله عنه انه كان يكره أن يتزوج أو يسافر في محاق الشهر وإذا كان القمر في العقرب، ومنها ذم شرب الدواء في بعض الأيام ولم أقف فيه على حديث ولا أثر‏.‏ ومنها ذم بعض البلاد والمياه والمراعي وذلك خاص بما حلت به عقوبة من الله كما ورد الحديث بذلك في بابل والحجر وآبار ثمود ونحوها‏.‏ ومنها مسألة المتكلم على البهيمة والمتهم بالسرقة وهذا شيء لا أصل له‏.‏ ومنها من قصد بقتل أو أخذ مال فقاتل وآخر أبى القتال حتى قتل بغير حركة أيهما أعلى، والجواب الذي أبى القتال أعلى وأفضل من الذي قاتل وفيه ورد الحديث كن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل‏.‏ ومنها هل يجب على الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر القتال في ذلك، والجواب لا‏.‏ ومنها من رأى منكرا وعلم أن الناس لا يقبلون نهيه وأمره أيسقط عنه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجواب لا يسقط بل يأمر وينهي فإن قبل قبل وإن رد رد‏.‏ ومنها من أمر ونهى وقصد به رياء وسمعة، والجواب أنه مذموم آثم فشرط ذلك الإخلاص لوجه الله تعالى‏.‏ ومنها من أمر ونهى ثم سكت لخوف أو عجز عن سوء مقالات الناس له أو ضرر أو تعب، والجواب هو معذور‏.‏ ومنها رجلان أمرا ونهيا ثم قاتل واحد وترك آخر القتال أيهما أعلى، والجواب أن الذي ترك أعلى وأفضل فليس سل السيف في أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالهين‏.‏ ومنها رجلان أحدهما يخالط أمراء السوء فيشفع للمسلمين لديهم وينفعهم والآخر اعتزلهم أيهما أعلى، والجواب أن الأول أعلى إن أمن على نفسه الافتتان بهم والدخول في أهوائهم والثاني أعلى لمن خشي على نفسه ذلك‏.‏ ومنها سألت عن كتب فيها أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليست في الموطأ ولا في الصحيحين وليس عندكم من يعلم ذلك فما تفعلون، والجواب لا ترووا منها إلا ما ثبت وروده وإلا فقفوا عن روايتها حتى تكتبوا بها إلى وأنبئكم بأمرها وإذا علمتم أن الحديث في سائر الكتب الستة أو مسند الإمام أحمد فارووه مطمئنين وكذلك ما كان مذكورا في تصانيف الشيخ محي الدين النووي أو المنذري صاحب الترغيب والترهيب فارووه مطمئنين‏.‏ ومنها هل يتمثل الشيطان بأمر من أمور الله ككتابه وملائكته ورسله، والجواب قد ورد الحديث أن الشيطان لا يتمثل بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا بالكعبة‏.‏ ومنها هل يجوز مدح النبي صلى الله عليه وسلم بالعجمى، والجواب نعم‏.‏ ومنها هل يدخل أحد الجنة بمحبته صلى الله عليه وسلم وهو عاص، والجواب نعم‏.‏ ومنها رجل يعظ الرجال والنساء وبين الفريقين ستر لا يتراءيان أيجوز، والجواب نعم‏.‏ ومنها هل يجوز إقراء النساء سورة النور، والجواب نعم روى الحاكم في المستدرك وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لا تنزلوهن الغرف ولا تعلمونهن الكتابة يعني النساء وعلموهن الغزل وسورة النور‏"‏، ومنها أيجوز لمسلم في قتال الكفار أن يرمي نفسه في الغرر لحب الشهادة، والجواب نعم ويجوز ذلك للأمير الذي سألت عنه‏.‏ ومنها أيجب القتال على الأمراء بأنفسهم أو ليس عليهم إلا تجهيز الأمور وصلاحها، والجواب ليس عليهم إلا تجهيز الأمور وصلاحها‏.‏ ومنها هل تقبل هدية الكفار وتجوز صحبتهم، والجواب نعم‏.‏ ومنها سألت أن بين لك أمر هيئة السماوات والأرض بدلائل القرآن والحديث، والجواب إن لي في ذلك تأليفا كاملا يسمى الهيئة السنية في الهيئة السنية وسأرسل لكم منه نسخة‏.‏ وسألت عن الرسالة التي لي في حروف التهجي وسأرسل لكم منها نسخة أيضا‏.‏ وإني أحبك في الله كما أحببتني ونرجو من فضل الله أن يجمعنا في الله من غير عذاب يسبق، ولا تنسني من دعائك والسلام عليك ورحمة الله بركاته‏.‏

بسم الله الرحمن الرحيم

الفتاوى الأصولية الفقهية

مسألة‏:‏

وقعت في الدرس - قال الشيخ جلال الدين المحلي في شرح جمع الجوامع‏:‏ وإثم القاتل الذي هو مجمع عليه لإيثاره نفسه بالبقاء على مكافئه الذي خيره بينهما المكره بقوله اقتل هذا وإلا قتلتك، أقول‏:‏ أشكل إعراب الذي وعائده فإن الممكن فيه أمور مع القطع بأن الهاء في خيره عائدة على القاتل وفاعل خير المكره‏:‏ أحدها أن يجعل الذي صفة لمكافئ ويشكل عليه عود ضميره بينهما وهو مثنى على الذي وهو مفرد والعائد يشترط فيه المطابقة، الثاني أن يجعل صفة لنفسه ومكافئه إما على أنها صفة سببية لا يشترط فيها المطابقة كقولك مررت بالرجلين الضارب أبوهما عمرا أو هو فاسد لاختلاف إعرابهما فإن نفسه منصوب ومكافئه مجرور ولأن الأفراد في المثال المذكور لإسناد الوصف إلى الظاهر ولا إسناد في الذي وإنما ربطه مررت بالرجلين الذي ضرب أبوهما عمرا، الثالث أن يجعل صفة لهما على أن الذي أريد به الجنس والذي إذا أريد به الجنس جاز إطلاقه على المثنى والجمع على حد قوله كمثل الذي استوقد نارا وخضتم كالذي خاضوا فحصلت المطابقة، وأما اختلاف الأعراب فيوجب جعل الذي نعتا مقطوعا على الرفع أو النصب ولا يخل بالتركيب، الرابع أن يجعل صفة للبقاء والبقاء معرف بلام الجنس صادق بالواحد فأكثر فجاء الموصول مراعاة للفظ والضمير مراعاة لمعناه كما هو المعهود في مثل ذلك وهذا أمثل الأوجه وأقربها، الخامس أن يجعل صفة لإيثاره كذلك، السادس أن يجعل صفة للقاتل فالعائد الهاء في خيره وهذا أسهل الأوجه لكنه بعيد معنى وأعرابا أيضا لما فيه من الفصل الكثير بين الصفة والموصوف‏.‏

مسألة‏:‏

هل سبب النزول يخص المنزول فيه بلفظه وحكمه أم يعمه وغيره، وإذا ورد السبب خاصا فهل يكون التخصيص من السبب أم من النص وإذا لم يكن من النص فهل يقضي على النص أم لا وهل السبب ناشئ عن النص أم من أهل التأويل وهل التأويل ناشئ عن النص أم لا‏؟‏

الجواب‏:‏

أما كون سبب النزول هل يخص المنزول فيه أم لا - فهذه مسألة خلاف بين أهل الأصول منهم من يقول إنه يخص المنزول فيه فلا يعم غيره والأصح وهو رأى الأكثرين أنه لا يخصه بل يعم غيره ولكن صورة السبب قطعية الدخول لا يجوز إخراجها منه، وأما قوله وإذا ورد السبب خاصا فهل يكون التخصيص من السبب أن من النص - فهذا إنما يجيء على قولنا بأن السبب يخص المنزول فيه ونحن قد بينا أن الأصح خلافه وعلى تقدير القول به فالتخصيص من السبب للنص العام اللفظ فقط عده أهل الأصول من المخصصات للعموم على القول بتخصيصه وذلك لأن سبب النزول إنما يقبل إذا ورد بسند صحيح متصل فهو في حكم الحديث المرفوع، ومن يرى جواز تخصيص الكتاب بالسنة وهم الجمهور لا يستنكر ذلك، وقوله وإذا لم يكن من النص فهل يقضي على النص - قد علم جوابه وهو أن سبب النزول نص أيضا فإنه حديث والحديث يقضى على القرآن- أخرج سعيد بن منصور في سننه عن يحيى بن أبي كثير قال السنة قاضية على الكتاب، ويحيى هذا من التابعين من إضراب الزهري، وقوله وهل السبب ناشئ عن النص- قد علم جوابه وهو أنه ناشئ عن نص لكن نص حديثي لا قرآني وليس ناشئا عن التأويل فإن السبب لا يكون إلا عن نص مقبول لا عن تأويل ولا مدخل للتأويل في ذلك، وقوله وهل التأويل ناشئ عن النص- جوابه أنه قد علم أنه لا تأويل‏.‏

مسألة‏:‏

تقرر أنه إذا خلا العصر عن مجتهد يقوم بفرض الكفاية أثموا عن آخرهم فما الجمع بينه وبين قولهم في مسألة الفترة أنه إذا لم يجد صاحب النازلة من ينقل له حكما في نازلته الصحيح انتفاء التكليف عن العبد وأنه لا يثبت في حقه إيجاب ولا تحريم ولا يؤاخذ بأي شيء صنعه‏.‏

الجواب‏:‏

متعلق الإثم مختلف فالإثم لمن كان يمكنه بلوغ هذه الرتبة وقصر فيها وعدم التكليف لغيره وليس المخاطب بفرض الاجتهاد كل أحد بل من هو في صفة خاصة كما قررناه في كتاب الرد على من أخلد إلى الأرض‏.‏

مسألة‏:‏

رجل يقلد الإمام الشافعي رضي الله عنه أصابته نجاسة كلبية فغسلها على مقتضى مذهب إمامه ثم أصابته وعسر عليه غسلها فهل يجوز له تقليد من يرى عدم وجوب هذا الغسل أم لا لأن ما التزمه وعمل به أولا يمنعه من مخالفته آخرا وإذا قلتم إن له التقليد فما معنى قول الأسنوي في شرح منهاج البيضاوي إنه إذا قلد مجتهدا في مسألة فليس له تقليد غيره فيها اتفاقا ويجوز ذلك في حكم آخر على المختار فلو التزم مذهبا معينا ففي الرجوع إلى غيره من المذاهب ثلاثة أقوال ثالثها يجوز الرجوع فيما لم يعمل به ولا يجوز في غيره هل معناه امتناع التقليد فيما تقدم السؤال عنه أم لا وما الراجح من الأقوال الثلاثة، وكذلك قول الشيخ جلال الدين المحلي في شرح جمع الجوامع وإذا عمل العامي بقول مجتهد في حادثة فليس له الرجوع عنه إلى غيره في مثلها لأنه قد التزم ذلك القول بالعمل به- إلى أن قال والأصح جوازه أي جواز الرجوع إلى غيره في حكم آخر- إلى أن قال الأصح أنه يجب على العامي وغيره ممن لم يبلغ رتبة الاجتهاد التزام مذهب معين، ثم قال في خروجه عنه أقوال ثالثها لا يجوز في بعض المسائل ويجوز في بعض توسطا بين القولين في الجواز في غير ما عمل به أخذا مما تقدم في عمل غير الملتزم فإنه إذا لم يجز له الرجوع قال ابن الحاجب كالآمدي اتفاقا فالملتزم أولى بذلك وقد حكيا فيه الجواز فيقيد بما قلناه انتهى، وإذا قلتم بامتناع التقليد في المسؤول عنه وهي المسائل التي عمل بها فكيف يلتئم ذلك مع ما قال الكمال الدميري في شرحه في القضاء فرع‏:‏ لا يشترط أن يكون للمجتهد مذهب مدون وإذا دونت المذاهب فهل يجوز للمقلد أن ينتقل من مذهب إلى مذهب‏؟‏ الأصح الجواز كما لو قلد في القبلة هذا أياما انتهى، وإطلاقه شامل لما عمل به وما لم يعمل به والمسؤول إيضاح ذلك‏.‏

الجواب‏:‏

الأصح جواز الانتقال مطلقا فيما عمل به وفيما لم يعمل به كذا صححه الرافعي وهو المنقول في السؤال عن الدميري لكن بشرط عدم تتبع الرخص وهي مسألة غير التي حكى فيها المنع اتفاقا ولذا جمع الأصوليون بينهما فحكوا الاتفاق في هذه وحكوا الخلاف في تلك، ومن جملة قول التفصيل والفرق بين المسألتين أن تلك في التمذهب بمذهب معين وإرادة الانتقال عنه بعد العمل به أو ببعضه ومسألة المنع اتفاقا فيمن استفتى في حادثة مجتهد فأفتاه وعمل بقوله ثم وقعت له مرة أخرى، وحاصل الفرق أن في هذه تقليدا في جزئية معينة خاصة وتلك فيها تقليد كلي على سبيل الإجمال لا التفصيل، إذا تقرر هذا فمقلد الشافعي إذا غسل نجاسة الكلب على مذهبه وأراد بعد ذلك أن ينتقل ويقلد غيره فيها فله ذلك لكن بشرط مراعاة ذلك المذهب في جميع شروط الطهارة والصلاة من مسح كل الرأس أو الربع والدلك ومراعاة الترتيب في قضاء الصلوات فإن أخل بشيء من ذلك كانت صلاته باطلة باتفاق المذهبين‏.‏